أخبار مهمةالخطبة المسموعةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

خطبة الجمعة بعنوان : التحذير من خطورة التكفير ، للدكتور خالد بدير

خطبة الجمعة بعنوان : التحذير من خطورة التكفير ، للدكتور خالد بدير، بتاريخ 17 رجب 1446 هـ ، الموافق 17 يناير 2025م

خطبة الجمعة بعنوان : التحذير من خطورة التكفير ، للدكتور خالد بدير، بتاريخ 17 رجب 1446 هـ ، الموافق 17 يناير 2025م. 

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 17 يناير 2025م ، للدكتور خالد بدير بعنوان : التحذير من خطورة التكفير :

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 17 يناير 2025م ، للدكتور خالد بدير بعنوان : التحذير من خطورة التكفير ، بصيغة  word أضغط هنا.

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 17 يناير 2025م ، للدكتور خالد بدير بعنوان : التحذير من خطورة التكفير ، بصيغة  pdf أضغط هنا.

عناصر خطبة الجمعة القادمة 17 يناير 2025م ، للدكتور خالد بدير ، بعنوان : التحذير من خطورة التكفير : كما يلي:

 

أولًا: خطورةُ التكفيرِ وآثارُهُ على الفردِ والمجتمعِ.

ثانيًا: أسبابُ الوقوعِ في ظاهرةِ التكفيرِ.

ثالثًا: ظاهرةُ الغشِّ وآثارُهَا على الفردِ والمجتمعِ.

 

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 17 يناير 2025م ، للدكتور خالد بدير ، بعنوان : التحذير من خطورة التكفير : كما يلي:

 

التحذيرُ مِن خطورةِ التكفيرِ

17 رجب 1446هـ – 17 يناير 2025م

المـــوضــــــــــوع

الحمدُ للهِ نحمدُهُ ونستعينُهُ ونتوبُ إليهِ ونستغفرُهُ ونؤمنُ بهِ ونتوكلُ عليهِ ونعوذُ بهِ مِن شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، ونشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له، وأنَّ سيِّدَنَا مُحمدًا عبدُهُ ورسولُهُ . أمَّا بعدُ:

العنصر الأول من خطبة الجمعة بعنوان : التحذير من خطورة التكفير، للدكتور خالد بدير

أولًا: خطورةُ التكفيرِ وآثارُهُ على الفردِ والمجتمعِ.

إنَّ مِن أكبرِ الفتنِ التي ابتليتْ بهَا الأمةُ في زمانِنَا هذا فتنةُ التكفيرِ، فيقعُ بعضُ شبابِ المجتمعِ الطائشِ في مغبةِ تكفيرِ أخيهِ المسلمِ بسببِ داءِ الجهلِ الذي خيّمَ على عقلِهِ أو بدافعِ الهوَى الذي أضلَّهُ عن السبيلِ، ولا شكَّ أنَّ هذه الظاهرةَ تعدُّ مِن مظاهرِ الغلوِّ في الدينِ والحكمِ على الغيرِ بغيرِ حقٍّ، إذ كيفَ يليقُ بمسلمٍ أنْ يخرّجَ أهلَ الإسلامِ مِن الملةِ بسببِ شبهةٍ أو هوى، أو خلافٍ في الرأيِ، أو تقليدٍ لضالٍّ قد عميتْ بصيرتُهُ؟!!

وفتنةُ التكفيرِ هذه هي الفتنةُ العظيمةُ التي مزقتْ جسدَ الأمةِ الإسلاميةِ وهي أولُ البدعِ والفتنِ ظهوراً في الإسلامِ، فهي المنبعُ لكثيرٍ مِن الانحرافاتِ العقائديةِ والسلوكيةِ والنفسيةِ التي عانتْ منهَا الأمةُ المسلمةُ على مدى أربعةِ عشرَ قرناً، وما زالتْ الأمةُ تعانِي منهَا إلى الآن.

إنَّ التكفيرَ حكمٌ شرعيٌّ مردُّهُ إلى اللهِ تعالى ورسولِهِ ، ومَن ثبتَ إسلامهُ بيقينٍ لم يزلْ عنهُ ذلكَ إلّا بيقينٍ، ولا يُكفَّرُ مسلمٌ بمجردِ الشبهةِ والظنِّ، وإذا كان الإسلامُ يحرمُ سبابَ المسلمِ وقذفَهُ والاستهزاءَ بهِ والسخريةَ منهُ فكيف بإخراجِهِ مِن ملةِ الإسلامِ؟!! إنَّ ذلكَ جنايةٌ لا تعدلهَا جنايةٌ وجرأةٌ على تعدِّي حدودِ اللهِ !! فلا يجوزُ تكفيرُ أحدٍ مِن عصاةِ المسلمينَ فإنّهُم تحتَ مشيئةِ اللهِ، وتسعهُم رحمةُ اللهِ، فالتكفيرُ مِن بدعِ الخوارجِ الذينَ يكفرونَ أصحابَ الكبائرِ مِن المسلمينَ، وهم الذينَ أخبرَ عنهُم النبيُّ أنّهُم يخرجونَ مِن الدينِ كما يخرجُ السهمُ مِن الرميةِ، كمَا أنَّ في التكفيرِ خروجاً عن المنهجِ القويمِ الذي رسمَهُ حبيبُنَا مُحمدٌ وهو: أنَّ مَن قالَ: لا إلهَ إلّا اللهُ، محمدٌ رسولُ اللهِ فقد دخلَ في دائرةِ الإسلامِ وهو معصومُ الدمِ والمالِ، ولهذَا أنكرَ النبيُّ غايةَ الإنكارِ على أسامةَ بنِ زيدٍ حين قتلَ رجلاً قالَ لا إلهَ إلَّا اللهُ في أرضِ المعركةِ. فعن أسامةَ بنِ زيدٍ قَالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللهِ فِي سَرِيَّةٍ، فَصَبَّحْنَا الْحُرَقَاتِ مِنْ جُهَيْنَةَ، فَأَدْرَكْتُ رَجُلًا فَقَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، فَطَعَنْتُهُ فَوَقَعَ فِي نَفْسِي مِنْ ذَلِكَ، فَذَكَرْتُهُ لِلنَّبِيِّ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ : «أَقَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَقَتَلْتَهُ؟» قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّمَا قَالَهَا خَوْفًا مِنَ السِّلَاحِ، قَالَ: «أَفَلَا شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ حَتَّى تَعْلَمَ أَقَالَهَا أَمْ لَا؟» فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا عَلَيَّ حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي أَسْلَمْتُ يَوْمَئِذٍ”. ( متفق عليه ). فأسامةُ – رضي اللهُ عنه- لخطورةِ الفعلةِ تمنَّى أنْ تكونَ قبلَ إسلامهِ؛ لأنَّ الإسلامَ يجبُّ ما قبلَهُ!! يقولُ ابنُ حجرٍ :” تمنَّى أنْ يكونَ ذلكَ الوقتُ أولَّ دخولِهِ في الإسلامِ ليأمنَ مِن جريرةِ تلك الفعلةِ، ولم يردْ أنّهُ تمنَّى أنْ لا يكونَ مسلمًا قبلَ ذلكَ.”( فتح الباري).

وقد عاتبَ اللهُ الصحابةَ في قتلِ الرجلِ الذي سلَّمَ عليهِم فقتلوهُ بحجةِ أنَّهُ قالهَا تعوذاً؛ وأنزلَ في ذلكَ قرآناً يُتلَى إلى يومِ القيامةِ، فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:” مَرَّ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ عَلَى نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ وَهُوَ يَسُوقُ غَنَمًا لَهُ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ، فَقَالُوا: مَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا لِيَتَعَوَّذَ مِنْكُمْ؛ فَعَمَدُوا إِلَيْهِ فَقَتَلُوهُ وَأَخَذُوا غَنَمَهُ!! فَأَتَوْا بِهَا النَّبِيَّ ؛ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمْ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا }إِلَى آخِرِ الْآيَةَ”. ( البخاري والترمذي وأحمد واللفظ له).

لذلكَ حذّرَ النبيُّ من رميِ الآخرينَ بالكفرِ، وأخبرَ عن عاقبتِهِ السيئةِ على المعتدِي، فعن ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ :” أَيُّمَا امْرِئٍ قَالَ لِأَخِيهِ يَا كَافِرُ فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا إِنْ كَانَ كَمَا قَالَ وَإِلَّا رَجَعَتْ عَلَيْهِ”.( متفق عليه واللفظ لمسلم) وفي روايةٍ للبخارِي :” وَمَنْ رَمَى مُؤْمِنًا بِكُفْرٍ فَهُوَ كَقَتْلِهِ”. يقولُ القرطبيُّ: “والحاصلُ، أنَّ المقولَ لهُ إنْ كان كافراً كفرًا شرعياً فقد صدقَ القائلُ، وذهبَ بهَا المقولُ لهُ، وإنْ لم يكنْ رجعتْ للقائلِ معرةُ ذلكَ القولِ وإثمهُ”. وعلى هذا فمَن قالَ لأخيهِ المسلمِ (يا كافرٌ) وهو ليسَ كذلكَ فقد عرضَ القائلُ نفسَهُ للكفرِ؛ لأنّهُ وقعَ في المعصيةِ، والمعاصِي بريدُ الكفرِ إنْ لم يتبْ منهَا فيخشَى عليهِ مِن هذه العاقبةِ.

إنَّ تكفيرَ الآخرينَ جريمةٌ نكراءُ وظاهرةٌ شنعاءُ، ولو علمَ المكفِّرُ لأخيهِ المسلمِ ما يترتبُ على تكفيرِهِ لهَ لمَا أقدمَ على ذلكَ؛ فإنَّ الكافرَ يحلُّ دمُهُ ومالُهُ، ولا تؤكلُ ذبيحتُهُ؛ ويفرقُ بينَهُ وبينَ زوجتِهِ، ولا يرثُ ولا يُورثُ، وإذا ماتَ لا يغسلُ ولا يكفنُ ولا يُصلَّى عليهِ ولا يُدفنُ في مقابرِ المسلمين!! ومِن هنَا يتبينُ ما للتكفيرِ مِن توابعَ تحدثُ فوضَى واضطراباً في المجتمعِ المسلمِ، وتمزيقاً لأواصرِ الأمةِ الإسلاميةِ، وغرساً لبذورِ الشقاقِ والخلافِ بينِ المسلمين.

أيُّها المسلمون: اعلمُوا أنَّ عواقبَ التكفيرِ وخيمةٌ وأضرارَهُ جسيمةٌ على الفردِ والمجتمعِ؛ فالتكفيرُ ذريعةٌ ومسوغٌ لاستباحةِ الدماءِ وانتهاكِ الأعراضِ، وسلبِ الأموالِ الخاصّةِ والعامةِ، وتفجيرِ المساكنِ والمركباتِ، وتخريبِ المنشآتِ، وزرعِ العداواتِ والأحقادِ والفرقةِ بينَ أفرادِ المجتمعِ، فهذه الأعمالُ وأمثالُهَا محرَّمةٌ شرعًا بإجماعِ المسلمين؛ لِمَا في ذلك مِن هتكٍ لحرمةِ الأنفسِ المعصومةِ، وهتكٍ لحرمةِ الأموالِ، وهتكٍ لحرماتِ الأمنِ والاستقرارِ، وحياةِ الناسِ الآمنينَ المطمئنينَ في مساكنِهِم ومعايشِهِم، وغُدوِّهِم ورواحِهِم، وهتكٍ للمصالحِ العامةِ التي لا غنَى عنهَا للناسِ في حياتِهِم، وكلُّ هذه جرائمٌ تُرتكبُ تحتَ ستارِ التكفيرِ !!

ألَا فاحذرُوا مِن هذه الفتنةِ التي فتحت أبوابَ الشرِّ والإفسادِ في الأرضِ، وعرضت الأنفسَ المعصومةَ والأموالَ المحترمةَ للخطرِ، وعملت على زعزعةِ الأمنِ والاستقرارِ في المجتمعِ، وصدقَ اللهُ العظيمُ: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ}. (الحجرات: 6).

العنصر الثاني من خطبة الجمعة بعنوان : التحذير من خطورة التكفير ، للدكتور خالد بدير

ثانيًا: أسبابُ الوقوعِ في ظاهرةِ التكفيرِ.

إنَّ أسبابَ نشأةِ ظاهرةِ التكفيرِ وفشوهَا وانتشارهَا في القديمِ والحديثِ يرجعُ إلى مجموعةٍ مِن الأسبابِ المتشابكةِ، عملتْ جنباً إلى جنبٍ في نشرِ هذه الظاهرةِ وتأمينِ البيئةِ الملائمةِ لنموِّهَا واستمرارِهَا، منهَا:

الجهلُ المركبُ بمسألةِ التكفيرِ: والتي هي مِن المسائلِ الدقيقةِ التي لا يحسنُهَا إلّا العلماء، فهم بجهلِهِم يكفرونَ مَن شاءُوا ولا يفرقونَ بينَ كفرٍ أصغرٍ أو أكبرٍ، أو كبيرةٍ وصغيرةٍ، ولعلَّ الجهلَ بأحكامِ الشريعةِ مِن أهمِّ صفاتِ الخوارجِ الذينَ كانُوا أولَ مَن تولَّى وزرَ التكفيرِ في هذه الأمةِ، حين كفَّرُوا أصحابَ النبيِّ ، فقد وصفَهُم النبيُّ بقولِهِ:” يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِمْ؛ وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ؛ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ؛ يَمْرُقُونَ مِنْ الْإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ”. (متفق عليه). يقولُ الإمامُ القرطبيُّ مندداً بضلالةِ الخوارجِ وقلةِ فهمِهِم وتكفيرِهِم الناس: “ويكفيكَ مِن جهلِهِم وغلوِّهِم في بدعتِهِم حكمهِم بتكفيرِ مَن شهدَ لهُ رسولُ اللهِ بصحةِ إيمانِهِ وبأنَّهُ مِن أهلِ الجنةِ”. وهل هناكَ جهلٌ مركبٌ بعدَ هذا الجهلِ؟!

ومنها: الانتماءُ إلى  جماعةٍ أو حزبٍ معينٍ: مع الاقتناعِ بأفكارِهِم وجعلِ التكفيرِ وسيلةٌ في الانتقامِ مِن المخالفين، وإشهارُهُ سيفاً مسلطاً على رقابِهِم، وهو ما اشتهرَ في هذا الزمانِ مِن أنَّ كلَّ فرقةٍ أو جماعةٍ تكفرُ مخالفيهَا، يقولُ أحدُ السلفِ: “ومِن البدعِ المنكرةِ تكفيرُ الطائفةِ غيرَهَا مِن طوائفِ المسلمينَ واستحلالُ دمائِهِم وأموالِهِم … وهذا حالُ عامةِ أهلِ البدعِ الذين يكفرُ بعضُهُم بعضاً … وهؤلاء مِن الذينَ قالَ اللهُ تعالَى فيهِم: { إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ } (الأنعام: 159) “. وهذا ما نراهُ في وقعِنَا المعاصرِ مِن تفرقِ الأمةِ إلى أحزابٍ وفرقٍ وجماعاتٍ، وكلُّ حزبٍ بمَا لديهِم فرحون، والغيرُ يكفرون !!

ومنها: حداثةُ السنِّ وقلةُ التجاربِ، والغيرةُ غيرُ المتزنةِ (عواطفٌ بلا علمٍ ولا حكمةٍ):

وهذا شائعٌ وكثيرٌ مِن شبابِنَا الطائشِ الذين تشبعُوا بالفكرٍ التكفيرِي المتطرفِ، وهؤلاءِ يقولُ عنهُم النبيُّ : ” يَأْتِي فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ حُدَثَاءُ الْأَسْنَانِ سُفَهَاءُ الْأَحْلَامِ يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ الْبَرِيَّةِ يَمْرُقُونَ مِنْ الْإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ لَا يُجَاوِزُ إِيمَانُهُمْ حَنَاجِرَهُمْ فَأَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ فَإِنَّ قَتْلَهُمْ أَجْرٌ لِمَنْ قَتَلَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ “.(البخاري). قال السنديُّ: ” قولُه؟: (أحداثُ الأسنانِ) أي صغارُ الأسنانِ، فإنّ حداثةَ السّنِّ محلٌّ للفسادِ عادةً. (سفهاءُ الأحلامِ): ضعافُ العقولِ”. (حاشية السندي).

ومنها: اتباعُ الفتاوَى المضللةِ: والتي تدعُو إلى تكفيرِ بعضِ الأشخاصِ واستباحةِ دمائِهِم، وإنَّ مِمَّا عمتْ بهِ البلوى في زمانِنَا هذا الفتوىَ بغيرِ علمٍ، وهي مِن أخطرِ المصائبِ التي ابتليتْ بهَا الأمةُ في عصرِنَا هذا، ولقد بكَى سلفُنَا الصالحُ بكاءً مريراً مِن التصدِّي للفتوى بغيرِ علمٍ!! يقولُ الإمامُ مالكٌ رحمَهُ اللهُ: أخبرنِي رجلٌ أنّهُ دخلَ على ربيعةَ بنِ أبي عبدِ الرحمنِ فوجدَهُ يبكِي، فقالَ لهُ: ما يُبكيكَ؟ أمصيبةٌ دخلتْ عليكَ؟ فقالَ: لا، ولكن استُفْتِيَ مَن لا علمَ لهُ!! فالذي يعرِّضُ نفسَهُ للفتوىَ لا بُدَّ أنْ يعلمَ يقينًا أنّهُ سيحاسبُ عن كلِّ ما يتكلمُ بهِ، فإذَا أفتَى بغيرِ علمٍ، أو أفتَى بخلافِ ما هو صوابٌ، لهوًى، أو لغرَضٍ، أو لتحقيقِ دنيَا عاجلةٍ، إنّمَا يُقحِمُ نفسَهُ في الويلِ والهلاكِ.

العنصر الثالث من خطبة الجمعة بعنوان : التحذير من خطورة التكفير ، للدكتور خالد بدير

ثالثًا: ظاهرةُ الغشِّ وآثارُهَا على الفردِ والمجتمعِ.

في هذه الأيامِ يؤدِّي الطلابُ والطالباتُ اختباراتِ الفصلِ الدراسِي الأولِ، لذلكَ أحببنَا أنْ نتكلمَ عن ظاهرةِ الغشِّ. إنَّ ظاهرةَ الغشِّ في التعليمِ لهَا أثرُهَا السيءُ على تقدمِ الأممِ؛ فالغشُّ بلاءٌ ابتُلِيَ بهِ طلابُ العلمِ صغارًا وكبارًا، فهو ليس على مستوَى المراحلِ الابتدائيةِ فحسب، بل تجاوزَهَا إلى الثانويةِ والجامعةِ والدراساتِ العُليا، فكم مِن طالبٍ قدّمَ بحثًا ليس لهُ فيهِ إلَّا أنَّ اسمَهُ على غلافِهِ!! وكم مِن طالبٍ قدَّمَ مشروعًا ولا يعرفُ عمَّا فيهِ شيئًا!! وكم مِن طالبٍ حصلَ على مجموعٍ عالٍ في الشهادةِ الثانويةِ عن طريقِ الغشِّ وهو لا يحسنُ القراءةَ والكتابةَ!!

هذه الظاهرةُ التي أنتجَهَا الفصامُ النكدُ الذي يعيشُهُ كثيرٌ منَّا في مجالاتٍ شتّى، نعمْ لمَّا عاشَ كثيرٌ مِن طلابِنَا فصامًا نكدًا بينَ العلمِ والعملِ، ترى كثيرًا منهم يحاولُ أنْ يغشَّ في الامتحاناتِ، وهو قد قرأَ حديثَ الرسولِ الذي تبرأَ فيهِ مِن الغشّاشِ قائلًا: “مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي”(مسلم)، بل رُبَّما يقرأهُ على ورقةِ الأسئلةِ، ولكن ذلك لا يحركُ فيهِ ساكنًا؛ لأنّهُ قد استقرَّ في ذهنِهِ أنّهُ لا علاقةَ بينَ العلمِ الذي يتعلمُهُ وبينَ العملِ الذي يجبُ أنْ يأتِيَ بهِ بعدَ هذا العلمِ، لذلك حرَّمَ الإسلامُ كلَّ صورِ الغشِّ، وتبرأَ الرسولُ مِن كلِّ الغشاشين.

إنَّ الغشَّ لهُ أثرُهُ السيئُ على المجتمعِ، فهو سببٌ لتأخرِ الأمةِ، وعدمِ تقدمِهَا ورقيِّهَا، وذلك لأنَّ الأممَ لا تتقدمُ إلَّا بالعلمِ وبالشبابِ المتعلِّمِ، فإذا كان شبابُهَا لا يحصلُ على الشهاداتِ العلميةِ إلَّا بالغشِّ.

فقُلْ لِي بربِّكَ: ماذا سوف ينتجُ لنَا هؤلاءِ الطلبةُ الغشاشون ؟! ما هو الهمُّ الذي يحملُهُ الواحدُ منهُم ؟! ما هو الدورُ الذي سيقومُ بهِ في بناءِ الأمةِ ؟! لا شيء ، بل غايةُ همِّهِ وظيفةٌ بتلكَ الشهادةِ المزورةِ، لا همَّ لهُ في تقديمِ شيءٍ ينفعُ الأمةَ، أو حتى يفكرَ في ذلك؛ وهكذا تبقَى الأمةُ لا تتقدمُ بسببِ أولئكَ الغششةِ بينهَا، ونظرةُ تأملٍ للواقعِ: نرَى ذلكَ واضحًا جليًّا، فعددُ الطلابِ المتخرجينَ في كلِّ عامٍ بالآلافِ ولكن قُلْ بربِّكَ مَن منهُم يخترعُ لنَا؟! أو يكتشفُ؟! أو يقدّمُ مشروعًا نافعًا للأمةِ؟! قِلّةٌ قليلةٌ لا تكادُ تُذكَرُ!!

إنَّ هذا الغاشَّ غدًا سيتولَّى منصبًا، أو يكونُ معلمًا وبالتالِي سوفَ يمارسُ غشَّهُ للأمةِ، بل ربَّمَا علَّمَ طلابَهُ الغشَّ، بل إنَّ الوظيفةَ التي يحصلُ عليهَا بهذهِ الشهادةِ المزورةِ، أو التي حصلَ عليهَا بالغشِّ سوف يكونُ راتبُهَا حرامًا؛ لأنَّهُ بُنِيَ على حرامٍ، وأيَّما جسدٌ نبتَ مِن حرامٍ فالنارُ أولَى بهِ.

إنَّ الذي يغشُّ قد ارتكبَ عدةَ مخالفاتٍ – إضافةً إلى جريمةِ الغشِّ – منها السرقةُ، والخداعُ، والكذبُ، وأعظمُهَا الاستهانةُ باللهِ، و تركُ الإخلاصِ، وتركُ التوكلِ على اللهِ …إلخ

فعلينا جميعًا أنْ نتعاونَ في مقاومةِ هذه الظاهرةِ، كلٌّ بحسبِ استطاعتِهِ وجهدِهِ، فالأبُّ في بيتِهِ ينصحُ أبنائَهُ ويرشدُهُم ويحذرُهُم بينَ الحينِ والآخرِ، والمعلمُ والمرشدُ في المدرسةِ والجامعةِ كلٌّ يقومُ بالوعظِ والإرشادِ، وكذلك الداعيةٌ في خطبِهِ ودروسِهِ، والإعلامُ بوسائلِهِ المختلفةِ.

وهكذا حرّمَ الإسلامُ الغشَّ بكلِّ صورِهِ، الغشَّ في التعليمِ، والغشَّ في التجارةِ، والغشَّ في البيعِ والشراءِ، والغشَّ في الصناعةِ ….وكلَّ صورِ وأنواعِ الغشِّ المعاصرةِ، لِمَا لهَا مِن آثارٍ جسيمةٍ وعواقبَ وخيمةٍ على الفردِ والمجتمعِ.

نسألُ اللهَ أنْ يلهمَنَا رشدَنَا، وأنْ يؤلفَ بينَ قلوبِنَا، وأنْ يحفظَ مصرَنَا مِن كلِّ مكروهٍ وسوءٍ،

    الدعاء،،،،،،،                                   وأقم الصلاة،،،،،                             كتبه : خادم الدعوة الإسلامية

                                                                                                                                           د / خالد بدير بدوي

_____________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

 

 

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »